في عالم متسارع يشهده التطور، وتتغير في حاجات السوق كل يوم، أصبحت كتابة المحتوى مهارة مهمة لجميع الشركات والأفراد، لم تعد الكتابة مجرد كلمات تسطر على الشاشات، بل زادت الحاجة إليها، وأصبحت من أفضل أدوات التأثير وزيادة الوعي.
بعدما أطلق بيل جيتس عبارته الشهيرة التي لا شك أنك سمعتها من قبل “المحتوى هو الملك”، في مقال نشره عام 1996 على الموقع الرسمي لمايكروسوفت، حيث تنبأ جيتس بأن المستقبل سيكون في صالح المحتوى الرقمي، وسيتفوق على وسائل الإعلام التقليدية التي كانت تهيمن على المشهد آنذاك، ليس من ناحية الانتشار فحسب، ولكن أيضًا من ناحية الإرادات.
وكما ترى اليوم أصبحت الشركات تخصص ميزانيات لكتابة المحتوى الرقمي، وذلك بسبب قوة التأثير الذي تصنعه الكتابة، بحسب تقرير نقلته SEMrush عن Demand Metric، فإن التسويق بالمحتوى يكلف ميزانية أقل بنسبة 62% مقارنة بالتسويق التقليدي، ويولد ثلاثة أضعاف عملاء محتملين (Leads) وهذا يعني أنه يحقق نتائج مذهلة؛ مما يجعله استراتيجية فعالة في جذب الجمهور المستهدف.
ولذلك، سواء كنت شخصاً محترفاً، وترغب أن تتعرف على أنواع كتابة أخرى لزيادة دخلك أو شخص مبتدئ، وتسعى للدخول في هذا العالم، سنأخذك في رحلة لاستكشاف أهم أنواع كتابة المحتوى والأكثر طلبا في السوق، والتي من خلال ذلك سوف تختار ما يناسبك لتحقق دخل أحلامك.
ما هي كتابة المحتوى؟
كتابة المحتوى هي عملية تخطيط وتحرير النصوص بهدف نشرها على الإنترنت لتحقيق أهداف محدد.
يمكن أن تكون كتابة المحتوى على شكل مقال أو سكريبت لفيديو أو بودكاست، كما يمكن أن تكون بهدف تسويقي أو تعليمي أو ترفيهي.
على كاتب المحتوى أن يكتب محتوى احترافي يغطي جميع نواحي الموضوع بأسلوب واضح وخال من الحشو والأخطاء اللغوية والنحوية.
ما هو المحتوى؟
المحتوى يشير إلى كل أشكال المعلومات التي يتم مشاركتها عبر القنوات المختلفة، فقد يكون هدفه تقديم قيمة أو إيصال رسالة أو تشجيع الجمهور على التفاعل، المحتوى يتضمن كل نص مكتوب أو صورة أو فيديو أو إنفوجرافيك أو رمز وغيرها.
لماذا كتابة المحتوى مهمة؟
الكتابة مهمة للغاية للأفراد والشركات الذين يرغبون في ترسيخ تواجدهم الرقمي وبناء هوية لعلامتهم التجارية، فعندما يكون المحتوى احترافياً ومؤثراً، بلا شك أن ذلك سينتج ألفه راسخة في أذهان العملاء، مما ينعكس على زيادة التفاعل وجذب المزيد من الزوار، ومضاعفة المبيعات.
ببساطة، كما يقول جو بوليتزي:
“التسويق التقليدي يتحدث إلى الناس. أما تسويق بالمحتوى، فيتحدث مع الناس.”
ماهي وظيفة كاتب المحتوى؟
لا يقتصر دور كاتب المحتوى على مجرد رص الكلمات جنبًا إلى جنب، بل يتطلب الأمر إتقان مجموعة من المهارات التي تجعل المحتوى أكثر تأثيرًا وقيمة، مما يميزه عن نصوص العادية، إليك أهم المهارات التي يجب على الكاتب إتقانها:
تحسين محركات البحث
كتابة محتوى ذي قيمة عال دون الوصول إلى جمهوره هو محتوى لا قيمة له، هنا تأتي مهارة تحسين محركات البحث كأمر ضروري، من خلال تحسين محركات البحث لن تكتب محتوى للنتائج البحث فقط، بل ستفهم كيف وماذا يبحث عنه البشر.
من خلال إضافة الكلمات المفتاحية بشكل الصحيح والمتوازن دون جعل المحتوى يفقد سلاسلته، ووضعها ضمن العناوين والوصف والصور، ستضمن الحصول على زيارات.
ذلك أنصحك بأن تتعلم اكثر عن تحسين نتائج البحث، مهما كان غرضك من كتابة المحتوى الرقمي، وتحسين محركات البحث وحدها كفيلة بأن تصنع الفرق.
مهارات البحث
لا يكتفي الكاتب الجيد على ما يعرفه فقط، بل يسعى دائما لاكتشاف ما ينقصه من معلومات، تساعده على نقل أفكاره إلى معرفة عظيمة تفيد الزائر.
لا يقف الكاتب الجيد عند جمع المعلومات، بل يتحقق من مصداقيتها، ولا يثق بأي معلومة عشوائية قد يقابلها على الإنترنت، قد يعتبر البعض أن الكتابة ما هي إلا كلمات تسطر، ولكنها مسؤولية تتطلب الانتقاء الدقيق للمصادر.
كما أن البحث ليس مرحلة منفصلة عن الكتابة، بل هما عمليتان مرتبطتان ببعض، كل فكرة تٌكتب تفتح لك بابا لمزيد من الإلهام، وتدفعك للبحث أكثر، وكل بحث تقوم به، يقودك إلى شيء جديد لم يكن في الحسبان.
التخطيط
كتابة المحتوى دون تخطيط كالسير دون وجهة، لذا قبل البدء بعملية الكتابة اسأل نفسك “لماذا أكتب”، “ولمن” وإلى آخره من الأسئلة.
فهذه ليست مجرد أسئلة تمهيدية، بل هي الأساس التي ستبني عليه أفكارك، عندما تحصل على الأجوبة، ستتمكن من بناء هيكل متين يكون مرشدك في أثناء الكتابة.
من خلال التخطيط ستحرر عقلك من الانشغال بالتفكير في إذ ما كان السير منطقياً أم لا؟، مما يجعلك تكتب بقلق أقل وأكثر انسيابية.
ادارة الوقت
الكتابة، كأي عمل إبداعي آخر، تتطلب إدارة دقيقة للوقت، وإلا ستجد نفسك عالقًا في دائرة لا تنتهي من التعديلات، مترددًا بين “هذا بحاجة إلى تحسين” و”هذا لا يبدو سلسًا بما يكفي”، دون أن تصل إلى نقطة الاكتمال أبدًا.
الكتابة كأي عمل إبداعي آخر، يتطلب إدارة للوقت، وإلا ستجد نفسك عالقا في دوامة لا تنتهي من التعديلات، ودائما ما سيكون هناك شيء ما بحاجة إلى التحسين، “هذا لا يبدو سلسا بما فيه الكفاية”، ” هذه ليست أفضل صياغة، ماذا لم تعجب القارئ” ولن تتوقف أبدا إذا تركت نفسك للكمالية، فلذلك يجب عليك أن تضع حدا، وذلك من خلال إدارة وقت بفاعلية وإنهاء عملك في وقت محدد، كما يقول دافينشي:
الفن لا ينتهي أبدًا، بل يتخلى عنه فقط
يجب عليك ككاتب محتوى أن تعرف متى تتوقف وخاصة لو كنت تعمل كفريلانسر، إذا لم تعرف عدد الكلمات أو عدد الفقرات التي تتوقف عندها ستعاني دائما من ضيق الوقت، وهذا سيؤثر في حياتك الاجتماعي والمهنية، وقد تصاب بـ”احتراق وظيفي” أو تطور لديك أحد اسوء الأعداء لنجاح وهي المثالية، وبقدر ما نحب أن نرى الأعمال المثالية، إلا أنها أكثر الأمور التي تعيق تقدم الكاتب.
أنواع كتابة المحتوى؟
أنواع كتابة محتوى الرقمي كثيرة، لكن أشهرها التالي:
التدوين (Blogging)
التدوين على الإنترنت أو كتابة المقالات تعتبر من أكثر الطرق شيوعا، من قبل المدونين وأصحاب الشركات.
تعتبر كتابة المقالات جزءاً أساسيا من التسويق بالمحتوى، ويكون المقال هو محتوى ينقل المعلومات، إما أن يثقف أو يحل مشكلة لزائر.
عادة ما يكون طول المقال بين 1000-2500 كلمة، حيث يتضمن تنسيقات كالروابط المتشعبة والصور لإيضاح فكرة المقال وإثارة اهتمام القارئ من الناحية البصرية وكسر الرتابة والملل.
تكمن مسؤولية المدون بالبحث والاطلاع والتخطيط للمقال وإتقان محركات البحث واستخدام عناصر متنوعة لتحسين قابلية القراءة.
كتابة محتوى الإعلانات (copywriting)
الكتابة الإعلانية هي نوع من أنواع الكتابة التي تهدف إلى كتابة محتوى مؤثر ومقنع لجعل الجمهور يقوم بإجراء معين من خلال استخدام اللغة والنبرة المناسبتين.
يٌركز كاتب المحتوى الإعلاني على إثارة مشاعر الجمهور التي تجعلهم يتفاعلون للحصول على الهدف المرجو فهو غالبا ما يكون إما عملية تحويل أو عملية بيع.
الكتابة الإعلانية لا تشترط بأن يكون المحتوى طويلاً، ومسؤولية الكتابة لإلمام بقواعد كتابة المحتوى الإعلاني وكتابة عناوين لافتة للانتباه، بالإضافة إلى تحسين محركات البحث إذا كان الكاتب يدمج بين كتابة المقالات المعلوماتية والكتابة الإعلانية.
كتابة محتوى الظل (ghostwriting)
كتابة محتوى الظل أو كاتب محتوى الشبح هو شخص يكتب باسم شخص أو مجموعة أو شركة، وغالبا لا يذكر اسمه، لكن يمكن للكاتب الظل أن يكون أي نوع من أنواع الكتاب، فيمكن أن يكون كاتبا للكتب أو مقالات أو أي شيء آخر، باختصار يبيع كاتب الظل المقال ليصبح مٌلكا للمشتري.
وهذه الطريقة ليست بجديدة، فهي تعود إلى القرن الخامس عشر، حيث كان السياسيون يطلبون من أن تُكْتَب خطاباتهم، كما أن يوجد الكثير من الفنانين والموسيقيين ورواد الأعمال الذي يطلب هذه الطريقة، وذلك لعدم امتلاكهم المهارة أو الوقت.
من أبرز الأمثلة على ذلك، عندما استعان دونالد ترامب بكاتب الظل توني شوارتز، لكتابة كتابه الأول “فن الصفقة” ورغم أن توني هو كتب الكتاب، إلا أنه نسب كمساعد.
يتميز كاتب الظل بأنه نوع من التعاون، والذي يغطي احتياج “المؤلف” (المشتري أو طالب الخدمة) وتحقيق أهدافه.
كتابة محتوى البريد الإلكتروني (E-mail writing)
محتوى البريد الإلكتروني قد يكون عبارة عن حملات البريد إلكترونية، والتي هي محتوى إعلاني ترويجي عن آخر العروض والأحداث الخاص بالعلامة التجارية أو العروض الخاصة بالمواسم والمناسبات المختلفة.
بينما تركز النشرات البريدية على إبقاء الجمهور بشكل منتظم على آخر التحديثات الخاص بالمجال أو الصناعة (Niche) التي اشترك الجمهور من أجلها.
وأهم أهداف كتابة المحتوى على البريد الإلكتروني هو الحفاظ على الجمهور، وذلك من خلال النشرات البريدية وبتأكيد الحصول على المبيعات.
تستخدم العلامات التجارية كلا من النشرات البريدية والحملات البريدية لكسب ولاء العملاء، وتجعلهم يكررون العملية التي ترغب فيه العلامة التجارية.
لن نذهب بعيداً، أشهر مثال على ذلك هي العلامة التجارية التي اشتريت منها منتجا معيناً، أو ذلك المشهور الذي قدم لك خدمة مجانية مقابل اشتراكك بقائمته البريدية.
كتابة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي (social media writing)
في ظل معارك خطف الانتباه على مواقع التواصل الاجتماعي، يجب على كاتب المحتوى التواصل بلغة سهلة، مع مراعاة أن جمهور هذه المنصات قليل الصبر، مما يتطلب تقديم محتوى موجز وجاذب للانتباه، كما يجب تبسيط الأفكار المطروح للقراء العاديين لضمان استيعابهم.
على كاتب محتوى التواصل الاجتماعي الناجح، أن يفهم جمهوره جيدا، وأن يعرف هدفه من صناعة المحتوى الذي يقدمه، كما عليه أن يواكب خوارزميات المنصات المتغيرة باستمرار، وعليه أن يبني ثقة بينه وبين جمهوره، بعيدا عن نشر محتوى مضلل ومخادع بهدف شد الانتباه.
كتابة محتوى السيناريو (script writing)
ما يجعل كتابة محتوى السيناريوهات مميزاً عن أي نوع أخرى من الكتابة هو أن كاتب السكريبت، يجب أن يكون بارعاً في صناعة محتوى سردي أو قصصي احترافي مع الأخذ بالاعتبار، نبرة الصوت والتعابير والانتقالات بين النقاط والحوارات، وعليه أن يترجم هذه الكلمات إلى فيديو أو بودكاست.
ختاما، الكتابة قوة والمحتوى أداة تصنع الفرق، لا تكتب فحسب، بل عليك الكتابة بذكاء، افهم جمهورك وأترك بصفتك بإثراء المحتوى العربي، اجعل كل كلمة فرصة للتأثير وإضافة قيمة، والآن شاركني رأيك، ما نوع كتابة المحتوى الذي تفضله من أنواع الكتابة الستة؟
