يعتقد المدونون المبتدئون أن التدوين أمر سهل للغاية، وما هو سوى مشاركة أفكارهم ونشر كل ما يخطر على بالهم وكأنهم يكتبون مذكرة شخصية، لكن على الإنترنت، طبعا هذا الأمر صحيح لو كنا نتحدث عن التدوين قبل 15 سنة، عندما كان التدوين تقريبا بلا قواعد.
ولكن التدوين في سنوات الماضية أصبح أكثر جدية ومنافسة ومختلفاً تمام الاختلاف عن ذي قبل، خصوصا إذا كنت تنوي كسب المال من مدونتك (وهذا ما نقدمه في هذه المدونة بالمناسبة )
يدرك المدونون أن التدوين ليس مجرد كتابة مقالات ونشرها على المدوناتهم، بل هو إيجاد حلول لزوار، جذب الزوار، إقناع الزوار بالاستمرار بالقراءة وجعلهم يأخذون إجراءات معينة، وفي نفس الوقت الموازنة بين الزوار ومحركات البحث، وما إلى ذلك من الأمور، لكن تبدأ معانتهم فور نشر أول مقالاتهم حيث ينخفض مستوى حماسهم، ولا يجدون الزيارات التي الكل يتحدث عنها.
لذلك تطرأ عليهم الصعوبات، ويجدون أعمالهم لا قيمة لها بالمقارنة مع المدونون الآخرون، ولذلك في هذا المقال سوف أشاركك بعض الصعوبات التي يواجهها المدونون وطريقة التغلب عليها.
تحديات شائعة يواجهها المدونون وكيفية التغلب عليها
1.قفلة الكاتب
تعتبر قفلة الكاتب أو (Writer’s block) من أكثر التحديات شيوعا بين الكتاب، فهي تصيب كثيراً ممن يعشقون الكتابة كالمؤلفيين والشعراء والروائيين والكتاب وأمثالونا المدونون، لا يهم إذا كان الكاتب صغيرا أو كبيرا أو مبتدئاً أو محترفاً سيجد الجميع أنفسهم يعانون من هذه الحالة يوما ما، ومع ذلك نسبة انتشار قفلة الكاتب تكون أكبر بين الكبار بسبب المشاكل الاجتماعي و المدونون المبتدئون وهذا أمر طبيعي.
ومن أشهر الكتاب الذين عانوا في مرحلة ما مع قفلة الكاتب: الكاتب مالكوم جلادويل والكاتبة مايا انجلوا ومغنية الراب الشهير إمينيم والروائي إرنست همنغواي.
مهلاً، كنت أتحدث عن هذه الحالة، ومن هم الكتاب الذين أصيبه بقفلة الكاتب، لكن لم نتعرف إلى الآن ما هي قفلة الكاتب.
ما هي قفلة الكاتب ؟
قفلة الكاتب أو سدة الكاتب، أو تخشب الكاتب أو حصار الكاتب، أو تسمى أيضا “متلازمة الورقة البيضاء” كلها تعبر عن الحالة نفسها، وهي شعور مؤلم يعانيه الكاتب يتصف بالضبابية والتشتت والتسمر وفراغ الإلهام والشعور بالتوتر والإحباط، يكون الكاتب عالقاً في عملية الكاتبة دون المقدرة على المضي قدما أو إنتاج أي شيء جديد.
قد يتخطى الكاتب هذه الحالة خلال أيام معدودة أو أسابيع أو شهور، لكنها فترة مؤقتة عليك الانتباه لذلك جيدا.
وقبل الانتقال إلى حل هذه الحالة، دعني أشاركك بعض الكتاب والمدونين المؤثرين الذين شاركوا آراءهم حول موضوع قفلة الكتاب:
لدينا سيث جودين المدون، صاحب 19 كتابا يعتبر من أفضل الكتاب مبيعا، يقول: أن قفلة الكتاب ما هي سوى خرافة، وعندما نقول إننا لا نستطيع أن نكتب، فإننا نقول لا نستطيع أن نكتب شيئا مثاليا، إذا حاولت أنت تكتب فقرات بما يكفي، فإن عقلك آجلا أو عاجلا، سيستسلم وسوف تكتب بشكل جيد.
بينما تقول ان هاندلي، إنها لا تؤمن بشيء اسمه “قفلة الكتاب” لكنها تؤمن بالتهرب والتراخي والتسويف، وتضيف أن كلاً من التسويف والتراخي جزء من عملية الكتابة.
لكن مالكوم جلادويل يقدم حل مشكلة قفلة الكتاب هي بالكتابة، يقول “أنا أكتب قليلا كل يوم، فقد أكتب فقرتين أو ثلاث فقرات (في يوم جيد)، إذا كتبت أكثر من ذلك، فأعتبر نفسي محظوظا”.
حل:
في الواقع يصعب علي أن أقول لك حل قفلة الكاتب، وذلك بسبب أن هذه الحالة تختلف من شخص إلى آخر، فقد تكون بسبب ضغوطات الحياة المختلفة أو توقعات غير واقعية تتصف بالسعي بالكمال، أو قد تكون أسباب أخرى.
لكن دعني أقدم لك بعض النصائح للتعامل مع قفلة الكاتب، والتي دائما ما تنجح معي:
- حدد روتين للكتابة، وعندما تبدأ لا تنوي القيام بأي أمر آخر سوى الكتابة وهذه نقطة مهمة.
- قبل أن تبدأ الكتابة عن ذلك الموضوع، غذي عقلك بالمعلومات التي يحتاجها عن ذلك الموضوع، وأكثر الطرق الفعالة لتلقي المعلومات هي من خلال القراءة.
إذا كنت تريد أن تصبح كاتبا، يجب عليك أن القيام بأمرين قبل كل شيء: اقرأ كثيرا وأكتب كثيرا.
ستيفن كينج
- إذا كنت تجلس أمام الصفحة البيضاء، ولم تستطع أن تكتب أي شيء، وكل ما تشعر به الضغط والتوتر، أمنح نفسك 20 دقيقة قم بأي نشاط كالمشي أو التحدث إلى صديق بعد ذلك عد، وستلاحظ أنك تشعر بالصفاء الذهني.
- قم بإزالة جميع القواعد واسمح لنفسك بالكتابة الحرة لمدة 10 دقائق، واكتب كل ما يخطر على بالك، لا تركز على التعديل وتصحيح الأخطاء في هذا الوقت فقد أكتب، إذا كانت الكتابة بلهجتك تساعدك على التخلص من قفلة الكاتب يمكنك القيام بذلك أيضا.
- إحدى أهم الأسباب التي يظن بعض المدونون أنهم يعانون قفلة الكاتب هو الموضوع، كيف؟ نعم، اختيارك لموضوع بعيد البعد كله عن مجالك، يجعل الموضوع صعباً عليك في أثناء الكتابة، وأنا واجهت ذلك عندما كنت فريلانسر، وقبلت الكتابة حول موضوع علمي، وأن ليس لدي أي خبرة في ذلك المجال وبتالي، وعلى الرغم من الانتهاء من كتابة المقال، إلا أنني كنت في حالة يرثى لها، لذلك أكتب ما تعرف أو تعلم ما يكفي لكي تستطيع أن تقدم المعلومات بطريقتك.
2.نفاذ الأفكار
أدرك تماما أن إيجاد موضوع للكتابة عنه أحيانا يشكل تحديا، خصوصا أن ليس كل موضوع مثير للاهتمام بالنسبة لك يمكنك الكتابة عنه، وليس كل موضوع عليه بحث يعني أنه يلائم توجه مدونتك.
لكن الخبر الجيد أنني سوف أشاركك بعض الحلول التي ساعدتني على تجاوز نفاذ الأفكار.
الحل:
- أقرأ كتباً في مجالك
- اقتني مذكرة ودون كل الأفكار والإحصائيات والاقتباسات، وكل ما تعتقد أنه يساعدك على كتابة مقالات احترافية.
- تابع مدونات مشابهة لمجالك واستلهم الأفكار منهم
- استخلص أفكار لموضوعات جديدة من تعليقات الزوار والمتابعين
4.الخوف من أن تبدو غبيا.
البدايات مهما كانت سيئة وكلنا نكره البدايات، إلا أنها تتميز بالمتعة، عندما تبدأ بشيء جديد تر نفسك تطير من الفرح حتى يصبح الأمر اعتياديا، وتفقد تلك الفرحة، عدم التدوين لأنك قد تخاف من أن تبدو غبيا في أعين الآخرين هذا أمر سخيف، فأنت تحرم نفسك من شيء تحبه، وقد تكون لديك القدرة على طرح أفكار جديدة في مجالك أو طريقة رائعة في رواية القصص في مدونتك مثلا، ولن تعرف ذلك حتى تخطئ وتجرب؛ وبالتالي سترى التطور والنمو.
الحل:
لا تخبر أصدقاءك في المقام الأول بأنك تملك مدونة، وسوف تحقق المال، حتى لا يثبطوك أو يشجعوك أكثر مما ينبغي وتفقد الشغف، فقط أبدا وأستمتع، أيضا بالنسبة للخوف من أن تبدو غبيا على الإنترنت، عليك أن تعرف أن الإنترنت يوجد به ما يكفي من الأمور الغبية والتافهة والمثيرة للجدل، لذلك لا تخاف ستكون في بدايتك أحدهم، ولن يلاحظك أحد، أنظر إلي، أن أبدوا غبيا ببهجة، في نهاية المطاف تذكر أنك لا تفعل شيئاً غير أخلاقي أو محرم لذلك لا تقلق، الأخطاء بديهية وطبيعية أن تحصل في البدايات، ومن خلال الأخطاء ستبني الخبرات.
5.عدم التركيز على موضوع واحد
من أكثر الأشياء التي يقع فيها المدونون المبتدئون هو عدم معرفة مجالهم، فإنهم يبدون في مجال ما واحدة تلوا الأخرى يجدون أنفسهم يتحدثون عن كل شيء، وهذا بالضبط ما فعلته في مدونتي السابقة، كنت أتحدث عن مراجعات الهواتف والربح من الإنترنت وأسلوب الحياة… وإلخ، وطبعا، إذا عددت لك أهتمامتي الغريبة لن ننتهي.
ولكن كانت لي حجة ضعيفة وحمقاء، وهي المدونة الفلانية تفعل ذلك لما لا أفعل ذلك أنا أيضا، قطعا هذا النوع من طرق المقارنة من أغبى الأشياء التي تفعلها في حياتك خصوصا إذا كنت تعرف الخيار الصحيح.
كنت أعرف أنه لا يجب علي العشوائي في المحتوى لكني لم أفهم لماذا التركيز على أمر واحد شيء جيداً، ولكن عرفت ذلك لاحقا.
وإليك الضرر الذي يسببه عدم التركيز على اهتمام أو مجال محدد:
- يجعل اهتمام المتابعين الأوائل يقل وبالتالي لن يكونوا مهتمين بقراءة ما هو جديد.
- يصعب على المدونة التصدر في نتائج محركات البحث.
- بتعدد المواضيع أو الأقسام في المدونة يجد محرك البحث صعوبة في فهم توجه المدونة، هل هي عن الربح من الإنترنت؟، هل هي عن مراجعات الهواتف؟، هل هي عن أسلوب الحياة؟، بهذه الطريقة ستجعل محرك البحث في ريبة، ولذلك حتى لو كان هناك مدونات منافسة لا تطبق معايير الـ SEO كما تفعل، فستكون لهم الأفضلية على مدونتك، لأنهم متخصصون في مجال واحد.
- لن تستطيع بناء جمهور يتابعك بشغف.
- فرصة الربح من المدونات متعددة الاهتمامات أقل، فهي على الرغم من الإنتاجية في المحتوى وتنوع الأفكار، إلا أنها لا يمكنك الربح منها كما لو تخصصت في مجال معين.
- التخصص يمنح الزائر الشعور بأنه يتعامل مع خبير، بينما العشوائي تجعل الزائر يراك كهَاوٍ.
ومع ذلك، إذا كنت تنوي عمل مدونة تتحدث فيه عن كل اهتماماتك، أنا أقول لك إذا لم يكن هدف مدونتك هو الربح، قم بذلك فقد استمتعت أنا في تلك المدونة حقا.
الحل:
التخصص في المجال الذي تكون على علم به، ولكن قبل ذلك، تحقق من ذلك المجال جيداً قبل البدء به.
6.عدم الحصول على زيارات كافية
إحدى أكثر المشاكل المحزنة والمخيبة للآمال التي تواجه المدونون الجدد وهي عدم الحصول على زيارات، أو يحصلون على زيارات منخفضة، على الرغم من أنهم يعملون بجد على مقالاتهم، إلا أنهم لا يستطيعون جذب زيارات تمكنهم من بناء جمهور أو حتى التكسب من مدوناتهم، وذلك لأن خلال السنوات القليلة الماضية أصبحت هناك الكثير من المدونات وبتالي ارتفعت المنافسة.
الحل:
أولاََ: يجب عليك أن تتعلم تحسين محركات البحث
ثانية: تأكد من أنك تكتب المقال ليس لمحركات البحث فقط، بل لزائر وقد شرحنا سابقا كيف تكتب مقال احترافي يجلب لك زيارات ضخمة.
ثالثا: لا تعتمد على محركات البحث فقط، روج لمدونتك على مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر و بنتريست، كورا أيضا مكاناً مليء بمجتمع رائع يهدف لتعلم والنمو.
7.تسلل الشك إلى عقلك
كمدون، بتأكيد قد مررت بذلك الشك المستمر المقلق الذي يقول لك “أنك مدون سيئ” أو “كتابتك ركيكة وغير مجدية”، هذا الشك ممكن أن يوبخنا ويجعلنا أقل سعادة في أثناء الكتابة، لكن هذا الشك طبيعي خاصة عندما تقوم بعمل إبداعية، فالشك هو آلية دفاع، فهو يمنعنا من أن نحرج أنفسنا، أو أن نُضَايَق من قبل التعليقات السلبية، لكنه أيضا يمنعنا من أن نشارك ما لدينا من معرفة ومعلومات قد تساعد الآخرين.
الحل:
أولاََ كن واعيا، وأعتقد أنك الآن عرفت أن الشك ما هو إلا آلية دفاع
ثانياً: أبتعد عن المقارنة وخذ منظوراً كاملاً لشجرة، فقبل أن تظهر الشجرة على السطح هناك الكثير من النمو بالأسفل، فـعندما تقارن نفسك بـستيفن كينغ الذي يكتب 6 صفحات يوميا أو أن تفعل كما كان يفعل أنتوني ترولوب، والذي يكتب 250 كلمة كل ربع ساعة، هذا جنوني بحق نفسك، لا أدعوك لتساهل والطبطب على نفسك، لكن لا تبدأ ببداية تجعلك تكره الكتابة بسبب أنك سمعت روتين كاتبا ما قد قضى 20 أو 30 سنة من حياته في الكتابة أو رأيت كاتب ما يتمتع بأسلوب رائع في نقل المشاعر والمعلومات، تذكر كما أنك الآن تواجه مشكلة في إيجاد أسلوبك، ذلك الكاتب أيضا واجه المشكلة نفسها يوم ما.
وأخيراً، وهذا من أفضل الاقتباسات التي أريد أختم بها، وهذا الاقتباس يحفزني عندما أشعر بالتردد وشك وهو لفينست فان، على الرغم أنه موجه للراسمين، إلا أننا نشاركهم العملية الإبداعية.
إذا سمعت صوتاً بداخلك يقول لك (لا يمكنك أن ترسم)، فكل ما عليك فعله هو أن ترسم، وستجد أنك قد أخرست هذا الصوت.
فينسنت فان غوخ